في زحمة الحياة، تتراكم الأيام فوق بعضها كأوراق شجرة خريفية، تسقط واحدة تلو الأخرى دون أن ننتبه، دون أن نلتقط تلك اللحظات التي تعبر أمامنا مثل نسمة عابرة. كم مرة وقفنا على عتبة يوم جديد، ونحن نحمل هموم الأمس، نرتب أفكارنا على عجل وننطلق في طريقنا، متجاهلين تلك التفاصيل الصغيرة التي تجعل الحياة تستحق العيش؟هناك في عمق هذا الكون الشاسع، حيث تتقاطع دروب الأرواح والأقدار، تنبض لحظات نادرة، لحظات تتسم بالصمت، لكنها تحمل في طياتها معاني كثيرة. تلك اللحظات التي نختبر فيها السلام الداخلي، حيث يتلاشى الضجيج الخارجي ويصبح العالم أكثر وضوحاً، عندما نتأمل في هدوء الطبيعة أو في انعكاس ضوء القمر على صفحة الماء. في تلك اللحظات، نشعر بأنفسنا وكأننا جزء من لوحة كونية كبرى، رسمها خالق الكون بكل حب وعناية.ما أجمل أن نتوقف قليلاً في رحلتنا، أن نسمح لأنفسنا بأن نتنفس بعمق، وأن نستمتع بصوت الرياح وهي تداعب أوراق الأشجار، أو برائحة الأرض بعد هطول المطر، أو بلحظة صفاء يتوهج فيها القلب بحب صادق. ففي هذه اللحظات يكمن جمال الحياة الحقيقي، جمال لا يُرى بالعين المجردة، بل يُحس بالروح، ويُلامس القلب.الحياة ليست في الوصول إلى الهدف فحسب، بل في تلك الرحلة التي نسيرها نحو ذلك الهدف. هي في الضحكة التي نتبادلها مع أحبائنا، في العناق الذي يهدئ من روعنا، في الكلمة الطيبة التي تزرع في نفوسنا الأمل. الحياة هي في تلك النعم التي نغفل عنها، ولكنها تحيط بنا من كل جانب.وفي كل صباح، تمنحنا الحياة فرصة جديدة لنفتح أعيننا على الجمال الذي يحيط بنا، فرصة لنصنع لحظات من السعادة والرضا، لنكون أكثر امتناناً لكل ما نملكه. فلنأخذ لحظاتنا بهدوء، ولنستمتع بتفاصيلها، لأن في النهاية، هذه التفاصيل هي التي تشكل جوهر حياتنا، وتجعلها تستحق أن تُعاش بكل ما فيها.
وقفة تأمل
تاريخ النشر
آخر تحديث
.webp)